في ماهية المعنى وأقسامه

في ماهية المعنى وأفسامه 
للدكتور علي إبراهيم محمد 
أستاذ علوم اللغة بجامعتي الأزهر وأم القرى 

مفهوم المعنى
      يُعد تحديد ماهية مصطلح " المعنى " من أبرز المشكلات التي تواجه الدرس الدلالي . ولعل من أعجب ما يطالع الدارس لهذا الموضوع أن المدارس اللغوية في العصر الحديث مع تميزها بالمنهجية والموضوعية لا تكاد تتفق على تحديد معنى ذلك المصطلح المعروف بالمعنى ، حتى لقد ذهب بعضها إلى طرح قضية المعنى بعيدًا عن مجالات البحث في اللغة وتركها لعلماء النفس وغيرهم من المهتمين بهذا الموضوع .
ويمكن أن ندرك أثر هذا الاختلاف إذا عرفنا أهمية تحديد مثل ذلك المصطلح والاتفاق على المقصود به فــــــــي الوصـــــول إلى النظام الــــــذي يُعد ركنا مهمًّا من أركان اللغة بــــل إنـــــــه يمثل أحــــد وجهيها الخطيرين " اللفظ والمعنى " . ([1])
لقد تعددت وجهات النظر في تحديد المقصود من مصطلح المعنى . وسأعرض هنا لثلاث نظريات هي النظرية الإشارية ، والنظرية التصورية ، والنظرية السلوكية . وتُعرف هذه النظريات الثلاث بالنظريات الأوربية .
ومما يتصل بمحاولات تحديد ماهية المعنى هناك محاولة في التراث العربي تُعد ، من وجهة نظري ، أصلا للنظرية الإشارية . جمع هذه المحاولة محمد حسن جبل في كتابة المعنى اللغوي وسماها
" النظرية العربية " . جدير بنا أن نبدأ بهذه المحاولات التراثية لاعتبارات تاريخية .
لقد جمع جبل من التراث العربي أصول النظرية الإشارية ، وهي إحدى النظريات الأوربية في تفسير المعنى ، جمع هذه الأصول في كتابه المعروف باسم " المعنى اللغوي " وأطلق عليها اسم " النظرية العربية "  وخصص لها سبعة فصول من أصول ثمانية من الباب الأول من هذا الكتاب . أول هذه الفصول عن صورة المعنى اللغوي عند عرب عصور الاحتجاج ، وثانيها عن المعنى اللغوي في إطار الدلالات ، وثالثها عن المعنى ضمن النسق الإدراكي اللغوي ، ورابعها عن نظرية المعنى العربية ، وخامس هذه الفصول عن تفصيل الكلام عن الصورة الذهنية ، وسادسها عن تفصيل الكلام عن وضع اللفظ إزاء المعنى ، وسابعها عن تتمات ملحقة بنظرية المعنى العربية . وفي دراستي هذه أبدأ الحديث عن هذه الأصول التراثية ببيان المعنى اللغوي لمصطلح المعنى .
لكل مصطلح من مصطلحات العلوم العربية والإسلامية تعريفان أحدهما يُعرف باسم التعريف اللغوي والآخر التعريف الاصطلاحي، ولعل السر في ذلك يرجع إلى أن أكثر مصطلحات هذه العلوم نشأت عن طريق التطور الدلالي لألفاظ هذه المصطلحات ، أي أن هذه المصطلحات قبل أن تكون لها دلالات اصطلاحية كانت موجودة في اللغة العربية ولها معان في لغة العرب ثم لما وُضعت هذه العلوم استخدم العلماء هذه الألفاظ ذاتها بوصفها مصطلحات لكن بمعان أُخرى جديدة .
ومن هذه المصطلحات مصطلح المعنى لذا أرى من اللازم قبل التعرض له بوصفه مصطلحًا بيان الدلالة اللغوية لهذه الكلمة .
ترجع كلمة " معنى " إلى الجذر الثلاثي ( ع – ن – و ) الذي يقول عنه ابن فارس : " العين والنون والحرف المعتل أصول ثلاثة : الأول القصد للشيء بانكماش فيه وحرص عليه ، والثاني دالٌّ على خضوع وذل ، والثالث ظهور شيء وبروزه " . ([2])
وجعل ابن فارس لفظة " معنى " التي نحن بصددها من الأصل الثالث . قال : " ومن هذا الباب معنى الشيء " . ([3]) وقال في كتابه الصاحبي في فقه اللغة وسنن العربية : " وقال قوم : اشتقاق " المعنى " من " الإظهار " يُقال " عنَتِ القِرْبة " إذا لم تحفظ الماء بل أظهرته " . ([4])
ولفظة معنى من الناحية الاشتقاقية يحتمل أن تكون مصدرًا ميميًّا من الجذر " ع – ن - ى " ويحتمل أن تكون مخفف " مَعْنِيّ " اسم مفعول منه ، وممن ذهب إلى القول الأول أبو هلال العسكري ، وممن ذهب إلى القول الثاني الشريف الجرجاني . ([5])
وعن المعاني المذكورة في المعاجم لهذه الكلمة نقل ابن فارس عن الخليل قوله : " معنى كل شيء : مِحْنته وحاله التي يصير إليها أمره " . ([6])
 وفي المصباح المنير للفيومي : " معنى الشيء ، ومعناته واحد ومعناه وفحواه ومقتضاه ومضمونه كله هو ما يدل عليه اللفظ " . ونقل الفيومي عن التهذيب قوله " عن ثعلب : المعنى والتفسير والتأويل واحد " . ([7])
هذا عن المعاني اللغوية لمصطلح المعنى ، أما عن المعنى الاصطلاحي له عند اللغويين العرب فقد عرفه ابن فارس بقوله : " فأما المعنى فهو القصد والمراد . يُقال : " عَنَيْتُ بالكلام كذا " أي قَصَدْتُ وعَمَدْت " . ([8]) ويرى البركاوي أن هذا التعريف أقرب إلى الاستعمال اللغوي للفظ منه إلى التحديد الاصطلاحي .  وقد استخلص البركاوي تعريفًا للمعنى عند اللغويين العرب من خلال وصف الجاحظ لـ " المعاني " الذي قال فيه الجاحظ : " المعاني القائمة في صدور الناس المتصورة في أذهانهم والمتخلجة في نفوسهم والمتصلة بخواطرهم والحادثة عن فكرهم مستورة خفية وبعيدة وحشية ومحجوبة مكنونة وموجودة في معنى معدومة " ([9]) . والتعريف الذي استخلصه البركاوي من هذا الوصف هو : " المعنى ما قام في صدر الإنسان وتصوره في ذهنه " ([10])
       وقد صاغ جبل تعريفًا للمعنى عند متقدمي العرب هو : " معنى اللفظ هو الصورة الذهنية لمُسماه من حيث وُضِع اللفظ بإزائها " . ([11])     
وشرح هذا التعريف فقال : " وتوضيحًا لألفاظ التعريف نذكر أن : الصورة عمومًا – لأي شيء كانت – هي الشكل الذي يحمل خطوط قَسَماته ، وملامحه التي تميزه من غيره .
 والذهن الذي هو محل الصورة : قوة للنفس مُعَدَّة لاكتساب العلوم التصويرية والتصديقية . وهذه القوة تُسمى عقلا ...  
 ومحل هذه القوة الدماغ ؛ أي المخ  . والمسمى هو الشيء الذي وُضع اللفظ ليُسميه ؛ أي يدل عليه ويعبر عنه .
 وعبارة " من حيث ... " تبين الجهة التي اعتُبرت في الصورة عند تعريف المعنى بها ؛ لأن الصورة الذهنية لها حيثيات كثيرة ، وهي لا تعد معنى إلا من حيث وضع اللفظ إزاءها .
 وكلمة " إزاءها " تعني – لغويًّا – حذاءها ومقابلا لها ، ولكن يقصد بها هنا أن اللفظ مقارن للصورة ؛ أي مقترن بها ، فهو يدل عليها ويستدعيها  ، كما أنها تستدعيه .
وخلص جبل من هذا التعريف وشرح ألفاظه إلى أن معنى اللفظ هو الصورة الذهنية التي وُضع اللفظ إزاءها ؛ أي ليقترن بها معبرًا عنها .
فهذه الصورة هي المعنى ؛ لأنها تعنى أي تُقصد أي يقصدها المتكلم عندما يعبر عن شيء في ذهنه . ([12])
وقد ذكر الشريف الجرجاني أن " المعاني هي الصور الذهنية من حيث وضع بإزائها الألفاظ ، والصور الحاصلة في العقل ، فمن حيث إنها تقصد باللفظ سميت معنى ، ومن حيث إنها تحصل من اللفظ في العقل سميت مفهومًا ، ومن حيث إنه مقول  في جواب ( ما هو ) سميت ماهية ، ومن حيث ثبوته في الخارج سميت حقيقة ، ومن حيث امتيازه من الأغيار سميت هوية " . ([13])
        ويذكر السيوطي اختلافهم في كون الألفاظ موضوعة بإزاء الصور الذهنية – أي الصورة التي تَصَوَّرها الواضع في ذهنه عند إرادة الوَضْع -  أو بإزاء الماهيات الخارجية ، فأبو إسحاق الشيرازي يذهب إلى الرأي الثاني ، والإمام فخر الدين الرازي وأتباعه يذهبون إلى الأول واستدلوا عليه بأن اللفظ يتغير بحسب تغير الصورة في الذهن ، فإن من رأى شبحًا من بعيد وظنه حجرًا أطلق عليه لفظ الحجر ، فإذا دنا منه وظنه شجرًا أطلق عليه لفظ الشجر فإذا دنا منه وظنه فرسًا أطلق عليه اسم الفرس فإذا تحقق أنه إنسان أطلق عليه لفظ الإنسان ؛ فبان بهذا أن إطلاق اللفظ دائر مع المعاني الذهنية دون الخارجية ، فدل على أن الوضع للمعنى الذهني لا الخارجي . ([14])
ويفرق الفلاسفة بين الجزئي والكلي ، وهو تفريق له علاقة وطيدة بنظرية المعنى العربية ، فالجزئي " ما يمنع نفس تصور معناه عن وقوع الشركة في مفهومه ، كقولك زيد وهذا الشجر وهذا الفرس " . ([15]) ومن الجزئيات الأعلام ، وأسماء الإشارة ، والنكرة المقصودة في باب النداء وضمير المخاطب والمتكلم وكل ما دخلت عليه ( أل ) العهدية . والكلي " هو الذي لا يمنع نفس تصور معناه عن وقوع الشركة فيه ، فإن امتنع امتنع بسبب خارج عن نفس مفهومه ومقتضى لفظه ، كقولك الإنسان ، والفرس ، والشجر ، وهي أسماء الأجناس والأنواع والمعاني الكلية العامة ، وهو جار في لغة العرب في كل اسم أُدخل عليه الألف واللام ، لا في معرض الحوالة على معلوم معين سابق " . ([16])
        ومما يترتب على الاختلاف بين الجزئي والكلي اختلاف الصورة الذهنية والمرجع تبعا لنوع اللفظ المستعمل من حيث الكلية والجزئية ، فالصورة التي تحدث في الذهن عند استعمال كلمة " يا رجل " أو " ذلك الرجل " تختلف عن تلك الصورة التي تحدث عند استعمال كلمة " الرجل " في نحو " الرجل أقوى من المرأة " وذلك لأن كلمة " رجل " استعملت في المثالين الأولين بالمعنى الجزئي في حين استعملت في المثال الثالث بالمعنى الكلي .([17])
        والفرق بين المفهوم ( أي الصورة الحاصلة في العقل ) وما يقابله في الخارج ، أي الموجود العيني في حالة استعمال الألفاظ الجزئية فرق واضح المعالم ، وذلك لأن المفهوم في الجزئيات هو صورة الشيء في الذهن ، والموجود العيني هو وجوده الحقيقي في العالم الخارجي الذي يمكن التحقق منه بسهولة باعتباره لا يصدق إلا على ذلك الموجود في الخارج فردًا .
        لكن المفهوم والموجود العيني في الكليات يصعب التمييز بينهما من جهة كون اللفظ الكلي يصدق على كثيرين ، فهو ليس مقصودًا معينًا في مكان ما أو في نطاق معين .
        وتوضيح هذا هو أن للكليات – كالأجناس والأنواع – وجودًا في الخارج وهو الذي تستعمل له الوحدات المعجمية الدالة على الكليات ، ووجودًا آخر في الأذهان وهو مفهوم تلك الكليات أو صورتها في الأذهان . فالوجود الخارجي هو وجودها في الأعيان بصرف النظر عن كونها واحدة أو متعددة ، ودون أخذ في الاعتبار تعددها في آحادها المندرجة تحتها ، فإذا قلنا : " الرجل أقوى من المرأة " فالوجود الخارجي للرجل هو الرجولة على إطلاقها دون اعتبار وجودها في زيد وفي عمرو وفي غيرهما ، ودون نظر إلى تشخصها في واحد من أفرادها .
        أما وجود الكليات في الأذهان فهو ما نتصوره في أذهاننا عند ذكر تلك الكليات ، وما نتصوره هو مجموع المقومات التي يتكون منها ذلك الشيء مع تعريته عن جميع الخصائص التي  تحدث له وتطرأ عليه عند وجوده في فرد من الأفراد المندرجة تحته ، أي بتجريده من الزمان والمكان  والكيف واللون والحجم والمقدار وغيرها من الملامح المعينة . وهـي التـي يسمـيها الغزالي بــ " العوارض المخصصة " .
        فالمعنى الكلي للإنسانية في الأذهان هو " الصورة المأخوذة من الإنسانية المجردة من غير التفات إلى العوارض المخصصة " تلك الصورة التي " لو أضيفت إلى إنسانية عمرو لطابقته " .
مما سبق يتضح الفرق بين الموجود العيني في الجزئيات والموجود العيني في الكليات ففي الأول له وجود خارجي شخصي ، والثاني وجوده الخارجي كلي . ويتبع هذا الفرق اختلاف تصور المفهوم في كل منهما ، فإذا كان المفهوم في الجزئيات صورة شخصية تثبت في الذهن فإنه في الكليات صورة مجردة عارية عن العوارض المخصصة . فعند استخدام اسم " زيد " تثبت في الذهن صورته الشخصية وعند استخدام كلمة " إنسان " فإن الصورة التي ترد إلى الذهن هي صورة مجردة تمثل القاسم المشترك لجميع الأفراد الموجودين بالفعل والذين وجدوا سلفًا والذين يمكن أن يوجدوا في كل زمان ومكان . ([18])  
النظريات الأوربية
 1 - النظرية الإشارية
من خلال الحديث السابق عما يًسمى نظرية المعنى العربية يمكن القول باطمئنان إن جذور النظرية الإشارية ترجع إلى أصول في التراث العربي . هذه الأصول هي تعريف السلف للمعنى ، وحديثهم عن رتبة الألفاظ من الموجودات .
        أما في العصر الحديث فيمكن الرجوع بهذه النظرية إلى المفهوم المركب للعلامة عند دي سوسير الذي ذهب إلى أن العلامة اللغوية كيان نفسي ذو وجهين أحدهما الدال والآخر المدلول ثم يقترح الاحتفاظ بكلمة علامة للدلالة على الكل ، وتبديل كلمتي المدلول singifre والدال singifiant بكلمتي مفهوم وصورة أكوستيكية .
وقد تطورت ثنائية الدال والمدلول بعد دي سوسير إلى المثلث الدلالي . ومع الغموض الذي يكتنف وجهة نظره في مدلول العلامة اللغوية ، وذلك من حيث استخدامه مرادفًا للتصور تارة ، ومرادفًا للمرجع تارة أخرى ، مع هذا الغموض فإنه قد مهد السبيل لغيره لتطوير نظريته حول العلامة اللغوية . ([19]) وربما كان أول من سار في هذا الدرب أوجدن  ogde وريتشاردز richards حيث طورا ما يمكن أن يُسمى النظرية الإشارية referential theory أو  denotational في كتابهما المشهور  " معنى المعنى  "
(  the meaning of the meaning  ) فقد وضحا أركان الدلالة بالإشارة إلى ما يعرف بالمثلث الدلالي ، أو ما سمياه بـ : " مثلث الإحالة " . ([20]) الذي تقع على رأسه الفكرة أو الإشارة  thought or reference وعلى أيمن قاعدته المرجع referent ، وعلى أيسر قاعدته الرمز symbol 
        وقد اختلف علماء الدلالة في تسمية أركان المثلث فجاردنر  gardiner  وأولمان  ullmann يسميان ما يقع في رأس المثلث الاسم  name  ويسميان ما يقع على أيمن قاعدته المعنى  sense  ويسميان ما يقع على أيسر قاعدته الشيء المقصود  thing – meant  وتشارلز موريس يسمي الأول الرمز  symbol   ويسمي الثاني المـــدلـــول  significatum  ويسمي الثالث المحال عليه  denotatum  . ([21])
        ويسمي عبد الغفار هلال ما يقع على رأس المثلث الرمز ويقول عنه : وهو في دراسة اللغة ( الكلمة المنطوقة ) مثل
( منضدة ) ، ويسمي ما يقع أيمن قاعدة المثلث المحتوى العقلي ، ويعرفه بأنه الذي يحضر في ذهن السامع حين يسمع الكلمة ( منضدة ) ، ويسمي ما يقع على أيسر قاعدة المثلث الشيء نفسه . ([22])  
        وتعني النظرية الإشارية أن معنى الكلمة هو إشارتها إلى شيء غير نفسها . وهنا يوجد رأيان :
        أ – رأي يرى أن معنى الكلمة هو ما تشير إليه .
        ب – رأي يرى أن معناها هو العلاقة بين التعبير وما يشير إليه .
       ودراسة المعنى على الرأي الأول تقتضي الاكتفاء بدراسة جانبين من المثلث وهما جانب الرمز والمشار إليه ، وعلى الرأي الثاني تتطلب دراسة الجوانب الثلاثة ؛ لأن الوصول إلى المشار إليه يكون عن طريق الفكرة أو الصورة الذهنية .
        ويذكر جبل أن " هذه النظرية تؤكد أنه ليست هناك علاقة مباشرة بين الكلمات والأشياء ، فهي تستبعد الشيء الخارجي من مسألة المعنى ، وتضيف أن الأشياء الخارجية هي من الكثرة بحيث يُعجَز عن معرفتها ، وهذه علة ثانية للاستبعاد . وترى أن طبيعة الارتباط بين الشيء والصورة الذهنية هي مشكلة تخص عالم النفس أو الفيلسوف ( لا اللغوي ) ، فهذا استبعاد آخر " . ([23])
        وأصحاب هذه النظرية  يقولون إن المشار إليه لا يجب أن يكون شيئًا محسوسًا قابلا للملاحظة object ( المنضدة ) فقد يكون كذلك ، كما قد يكون كيفية  quality ( أزرق ) ، أو حدثًا  action  
( القتل ) ، أو فكرة خالصة مجردة من أحداث متكررة أو خبرات مختلفة فمفهوم ( الشجاعة ) – مثلا – هو عبارة عن مستخلص ما شاهدناه من مواقف متكررة أدركنا من خلالها ما نسميه شجاعة ، ثم أوجزناه في شكل مجرد بحيث يصير كل واحد من تلك المواقف تنوعًا لها ، فنطلق عليه اسم الشجاعة عند الحاجة إلى ذلك ، فالقاسم المشترك المستخلص من المواقف المتنوعة إذًا هو الصورة الذهنية . ([24]) ولكن في كل حالة يمكن أن نلاحظ ما يشير إليه اللفظ ؛ لأن كل الكلمات تحمل معاني ، لأنها رموز تمثل أشياء غير نفسها . ([25])
وقد أخذ العلماء على هذه النظرية عدة مآخذ منها : 
        1 – أنها تدرس الظاهرة اللغوية خارج إطار اللغة .
        2 – أنها تقوم على أساس دراسة الموجودات الخارجية
( المشار إليه ) . ولكي نعطي تعريفًا دقيقًا للمعنى – على أساس هذه النظرية – لا بد أن نكون على علم دقيق بكل شيء في عالم المتكلم . ولكن المعرفة الإنسانية أقل من هذا بكثير .
        3 – أنها لا تتضمن كلمات مثل " لا " و " إلى " و " لكن " و " أو " ... ونحو ذلك من الكلمات التي لا تشير إلى شيء موجود existing th ing  هذه الكلمات لها معنى يفهمه السامع والمتكلم ، ولكن الشيء الذي تدل عليه لا يمكن أن يتعرف عليه في العالم المادي . ([26])
        ويرى جبل أن هذه الأدوات وما شابهها كلمات متطورة وقليلة الكم لا تمثل قدحًا في نظرية للمعنى اللغوي إذا كانت صحيحة . ([27]) 
        4 – كذلك أخذ العلماء على هذه النظرية أن معنى الشيء غير ذاته ، فمعنى كلمة " تفاحة " ليس هو " التفاحة " . التفاحة يمكن أن تؤكل ولكن المعنى لا يؤكل ، والمعاني يمكن أن تتعلم ولكن التفاحة لا يمكن . ([28])
        5 – أن اعتبار أن المعنى هو الشيء الخارجي ( المرجع ) يؤدي إلى القول بأن التعبيرين اللذين يشيران إلى شيء واحد مترادفان ، وهذا أمر غير مطرد ، فالمشار إليه في ( نجم الصباح ) و ( نجم المساء ) واحد ، ولكنهما ليسا مترادفين . ([29])
2 -النظرية التصورية
وجدت الصورة الكلاسيكية للنظرية التصورية ideational theory أو imag theory أو النظرية العقلية mentalistic theory عند الفيلسوف الإنجليزي john llocke ( القرن السابع عشر ) الذي يقول : " استعمال الكلمات يجب أن يكون الإشارة الحساسة إلى الأفكار ، والأفكار التي تمثلها تعد مغزاها المباشر الخاص " .
       وهذه النظرية تعتبر اللغة " وسيلة أو أداة لتوصيل الأفكار " أو
" تمثيلا خارجيًا ومعنويًا لحالة داخلية " . وما يعطي تعبيرًا لغويًا معنى معينًا استعماله باطراد ( في التفاهم ) كعلامة على فكرة معينة . ([30])
        وعلى هذا فالمعنى في هذه النظرية إما أنه الصورة الذهنية ، وإما أنه العلاقة بين الرمز والصورة الذهنية . ([31])
        وهذه النظرية تقتضي بالنسبة لكل تعبير لغوي أو لكل معنى متميز للتعبير اللغوي أن يملك فكرة وهذه الفكرة يجب :
        1 – أن تكون حاضرة في ذهن المتكلم .
        2 – المتكلم يجب أن ينتج التعبير الذي يجعل الجمهور يدرك أن الفكرة المعينة موجودة في عقله في ذلك الوقت .
        3 – التعبير يجب أن يستدعي نفس الفكرة في عقل السامع .
        والفرق بين النظريتين الإشارية والتصورية أن الفكرة أو المحتوى الذهني في الإشارية يشير – أو يستمد – من شيء في الخارج ، ثم تنفي أن له سهمًا في دراسة المعنى ، في حين أن التصورية تقصر أركان النظرية على الكلمة والصورة الذهنية فحسب . ([32])
        وقد أخذ العلماء على هذه النظرية أنها تركز على الأفكار أو التصورات الموجودة في عقول المتكلمين والسامعين بقصد تحديد معنى الكلمة، أو ما يعنيه المتكلم بكلمة استعملها في مناسبة معينة ، سواء اعتبرنا معنى الكلمة هو الفكرة أو الصورة الذهنية أو اعتبرناه العلاقة بين الرمز والفكرة .
        وهذا هو أحد المآخذ الأساسية على هذه النظرية من وجهة نظر السلوكيين ، لأنه ما دام المعنى هو الفكرة فكيف يتسنى للمتكلم أن يخاطب السامع وينقل المعنى إليه مع أن الأفكار تعد ملكًا خاصًّا بالمتكلم .
        ويرد مؤيدو النظرية بأن الأفكار ترتبط " بالتصور " فإذا قلنا
" منضدة " فكل مـــن المتـــكلم والسامع يملك التصور للمنضدة . وهذا التصور يجعل الاتصال بينهما ممكنًا . ([33])
كما أخذ العلماء على هذه النظرية أن هناك كلمات كثيرة غير قابلة للتصور مثل الأدوات والكلمات التجريدية . فهذه ليس لها تصور عقلي سوى حروف الكلمة نفسها . ([34])
        وقد وجد بعض العلماء ردًّا لهذا المأخذ ذكرته في النظرية الإشارية مما يغني عن إعادته هنا .
3 - النظرية السلوكية
        رفض السلوكيون تحليلات دي سوسير للدلالة اللغوية ، وكون العلامة كيانًا ذا وجهين هما الصورة الصوتية والمفهوم ، أو الدال والمدلول ، كما كان يؤثر دي سوسير أن يقول .
        وفي المقابل ذهبوا يدرسون اللغة والظاهرة اللغوية ( سلوكيًّا ) إذ قالوا بـ : ( السلوك الكلامي ) وأنه مرتبط بمواقف الحياة ويمكن من خلال ملاحظته الكشف عن الجوانب النفسية والاجتماعية للغة .. ويمكن دراسة
( اللغة ) في حدود تجريبية ، كسلوكات من منبهات ، وردود فعل إذ ( المواقف ) هي التي تبعث على هذه السلوكات ، وردود الفعل والعلاقة بينها سببية . ([35])
والنظرية السلوكية behavioral theory  أو النظرية النفسية  psychological theory  على هذا هي تلك النظرية التي تركز على ما يستلزمه استعمال اللغة ( في الاتصال ) ، وتعطي اهتمامًا للجانب الممكن ملاحظته علانية . ([36])
ترجع هذه النظرية في أصولها إلى  واطسن   watson 1924م رائد المدرسة السلوكية في علم النفس الذي يعتبر أن الكلمات بديل عن الأشياء ، ولذلك هي في نظره تقوم مقامها ، أي تقوم بوظيفة ( منبه ) فتستدعي أجوبة مثل أي شيء يبعث على هذه الأجوبة قال : " تعمل الكلمات بالنسبة للأجوبة التي تستدعيها بنفس الطريقة التي تعمل الأشياء التي تمثلها الكلمات باعتبارها بديلة عنها " . ([37])
أما أول من توسع في تطبيق آراء السلوكيين على دراسة اللغة فهو " بلومفيلد bloomfild " الذي عرض وجهة نظره  في تطبيق المبادئ السلوكية على اللغة في كتابه ( اللغة  language  ) الذي نشره سنة 1933 م . ([38]) وقد تأثر بلومفيلد bloomfild وأكثر من تبعه من اللغويين في اتجاهه السلوكي بسلوكية ألبرت پول ڤايس  albert paul weiss  كما عرضها في كتابه : " الأساس النظري للسلوك الإنساني "   ([39])
قد أوضح بلومفيلد  bloomfild الطريقة التي تستخدم بها اللغة بالمثال الآتي : لنفترض أن چاك ، وچيل يتنزهان في مكان وچيل جائعة ، فترى تفاحة على الشجرة ، فتحدث أصواتًا بحنجرتها ولسانها وشفتيها فيتسلق چاك الشجرة ويأخذ التفاحة ويعطيها لها فتأكلها .
إن هذه الأحداث المتوالية يمكن أن تُدرس من جوانب متعددة ، ولكن دارس اللغة يميز بين عملية الكلام والأحداث المصاحبة لها ، أي الأحداث العملية . وبالنظر إلى هذه الناحية فإن الحادث زمانيا يتكون من ثلاثة أجزاء هي :
أ – الأحداث العملية السابقة للكلام .
ب – الكلام .
ج – الأحداث العملية التالية للكلام .
فجميع الأحداث التي تسبق كلام چيل في المثال السابق وتتعلق بها تدعى مثير المتكلم  the spekers stimulus وفي هذا المثال فإن المثيرات هي جوع چيل ( مع ما يتبعه من عمليات عضوية ) ورؤيتها التفاحة ، ووجود چاك بقربها وعلاقتها السابقة به .
أما الأحداث التي تلي الكلام وتتعلق بالسامع فتدعى استجابة السامع  hearers responseوالاستجابات في هذا المثال هي قطف چاك للتفاحة ، وتقديمها لچيل ، ويدخل في هذا النوع الأحداث التالية للكلام المتعلقة بچيل أيضًا ، وهي أنها تأخذ التفاحة  في قبضة يديها وتأكلها .
ويخضع حدوث الكلام والسلسلة الكاملة للأحداث العملية السابقة والتالية للكلام لقصة حياة كل من المتكلم والسامع . ([40])
وهذه النظرية عليها جملة اعتراضات وجهت لهذا التفسير السلوكي منها :
أ – إذا كان جوع چيل يمكن أن يترجم إلى تقلص لعضلاتها ، وإفراز لمعدتها ، ورؤيتها للتفاحة يمكن أن يحلل على أساس من موجات الضوء التي انعكست من التفاحة إلى عينيها ، والتفاحة نفسها يمكن أن تعطي تصنيفا نباتيا ... فإنه بالنسبة للأغلبية العظمى من الكلمات لا يمكن القيام بمثل هذا التحليل العلمي . فالحب والكراهية ليست طيعة للتعرف عليها على أساس فيزيقي بخلاف الجوع .
ب – أن هذه النظرية قامت على أساس تجارب أجريت على تعلم السلوك في الحيوانات الدنيا ، ثم نقلت التجارب إلى الحيوان البشري في استعماله للرموز النطقية . وهذا من أكبر الخطأ ؛ حيث إن ما ينطبق على الحيوانات الدنيا قد لا ينطبق على الإنسان . ([41])
ج -  ليس من المقبول أن ننظر إلى هذا المعنى كما لو كان مجموعة      من المثيرات والاستجابات الآلية ، إذ لا يمكن تجريد الكلام من العوامل الإنسانية كالدوافع والرغبات التي ينبئ عنها . ([42])
لهذه الاعتراضات يرى جبل أن " هذه النظرية شطحة فكرية أو خواطر غير ناضجة اهتم بها الأوربيون ترفًا أو رصدًا لأنشطتهم " . ([43])
كما يرى أن النظرية السلوكية لا تصح ، لا لأن فيها جانبًا نفسيًّا ، ولكن لأن بلومفيلد عالج الأمر بسطحية على طريقة كلب بافلوف ، وكأن المعنى مجرد استجابة حيوانية صرفة في حين أن المعنى هو الشحنة التي يحملها الكلام ؛ أي يعبر عنها ، ولها صورة في الذهن أو أثر في النفس ، واحتمالات أثر هذه الشحنة في نفس السامع لا تكاد تحصر . فالعبارة الواحدة قد يسمعها كثيرون ولكن كل منهم قد يتقبل المعنى الذي سمعه وقد يرفضه وقد يتخذ موقفًا بين الرفض والقبول ولكل درجات . ثم إن الإنسان له عقل يفكر ويتحكم في الاستجابة ويغيرها تبعا لحسابات كثيرة ، منها مصلحته ، وموقفه من مصدر الكلام ، وحساب النتائج . وهو في تلك الحسابات يتأثر بماضيه ، وخبراته الماضية ، وبحاضره ، وحاضر المتعلقين به ، وبمستقبله وبمستقبل المتعلقين به ... إلخ فكيف يصور الأمر كأنه استجابة آلية ومحددة ويُدَّعى أنها هي المعنى ؟  ([44])
هذا عن أشهر ما قيل في مفهوم المعنى عند كل من أسلافنا العرب والعلماء الغربيين ، أما المعنى الذي يهتم به علم الدلالة وفقًا لما ذكره " لاينز "  فيشمل أمرين :
1 – القصد أو المقصود من الوحدة اللغوية ، وهذا ما تتوقف معرفته على السياق الذي يستعمل فيه ، وقد سبق اللغويون العرب إلى هذه الفكرة عندما عرفوا المعنى بأنه القصد والمراد .
2 – ما يشير إليه اللفظ طبيعة أو عرفًا ، وهو أيضًا ما أشار إليه العلماء العرب عندما تحدثوا عن المعنى باعتباره الصورة الذهنية للأشياء الموجودة في العالم الخارجي . ([45])
بعد بيان ماهية المعنى ننتقل إلى توضيح أقسامه .
ينقسم المعنى أقسامًا مختلفة باعتبارات مختلفة ، فباعتبار الاستعمال قسمه القدماء إلى معنى حقيقي أو وضعي ، ومعنى مجازي أو استعمالي . قال ابن فارس : " الحقيقة : الكلام الموضوع موضعه الذي ليس باستعارة ، ولا تمثيل ، ولا تقديم فيه ولا تأخير ؛ كقول القائل : أحمد الله على نعمه وإحسانه . وهذا أكثر الكلام ، وأكثر آي القرآن وشعر العرب على هذا .
وأما المجاز فمأخوذ من قولنا جاز يجوز إذا استن ماضيًا ، تقول جاز بنا فلان ، وجاز علينا فارس ؛ هذا هو الأصل ، ثم تقول : يجوز أن تفعل كذا : أي يَنْفُذ ولا يُرد ولا يُمنع ... فهذا تأويل قولنا
" مجاز " يعني أن الكلام الحقيقي يمضي لسَننه لا يُعترض عليه ، وقد يكون غيره يجوز جوازه لقربه منه  إلا أن فيه من تشبيه واستعارة وكناية ما ليس في الأول ؛ وذلك كقولنا : عطاء فلان مزن ... فهذا تشبيه ، وقد جاز مجاز قوله : عطاؤه كثير وافٍ . ([46])
وقال ابن جني : " الحقيقة : ما أُقر في الاستعمال على أصل وضعه في اللغة ، والمجاز : ما كان بضد ذلك " . ([47])
ولا شك أن المراد بالحقيقة هنا : المعنى الحقيقي للفظ وبالمجاز : الذي يفيده هذا اللفظ مخالفًا لأصل وضعه عند الاستعمال . ([48])
كما يُفهم من الكلام السابق أن الحقيقة لا تعدو أن تكون استعمالا شائعًا مألوفًا للفظ من الألفاظ  وليس المجاز إلا انحرافًا عن ذلك المألوف الشائع . ([49])
وقريب من هذا ما ذهب إليه عبد القاهر الجرجاني في دلائل الإعجاز عندما قسم الكلام إلى ضربين : " ضرب أنت تصل منه إلى الغرض بدلالة اللفظ وحده ، وذلك إذا قصدت أن تخبر عن " زيد "مثلا بالخروج على الحقيقة ، فقلت : " خرج زيد " وبالانطلاق عن " عمرو " فقلت : " عمرو منطلق " ، وعلى هذا القياس . وضرب آخر لا تصل منه إلى الغرض بدلالة اللفظ وحده ، ولكن يدلك اللفظ على معناه الذي يقتضيه موضوعه في اللغة ، ثم تجد لذلك المعنى دلالة ثانية تصل بها إلى الغرض . ومدار هذا الأمر على " الكناية " و " الاستعارة " و " التمثيل...أو لا ترى أنك إذا قلت : " هو كثير رماد القدر " ، أو قلت :" طويل النجاد " أو قلت في المرأة : " نؤوم الضحى  " فإنك في جميع ذلك لا تفيد غرضك الذي تعني من مجرد اللفظ ، ولكن يدل اللفظ على معناه الذي يُوجبه ظاهره ، ثم يعقل السامع من ذلك المعنى ، على سبيل الاستدلال ، معنى ثانيًا هو غرضك ، كمعرفتك من " كثير رماد القدر " أنه مضياف ، ومن "طويل النجاد " أنه طويل القامة ، ومن" نؤوم الضحى " في المرأة أنها مترفة مخدومة . ([50])
     وقد سمى عبد القاهر ذلك المعنى ، ومعنى المعنى ، وأطلق على ما يُفهم من ظاهر اللفظ " المعاني الأُول " وأطلق على معنى المعنى " المعاني الثواني " . ([51]) ومعنى المعنى عند عبد القاهر يسميه علماء الأصول الدلالة الالتزامية ، وهي عندهم دلالة غير لفظية ( أي عقلية ) ذلك أنها ليست دلالة لفظ على معنى بل دلالة معنى اللفظ على لازم خارجي . ([52])  قال الآمدي :
 " فعند فهم مدلول اللفظ من اللفظ ينتقل الذهن من مدلول اللفظ إلى لازمه ، ولو قُدِّر عدم هذا الانتقال الذهني لما كان ذلك اللازم مفهومًا " .([53]) فهي  دلالة معنى على معنى لا دلالة لفظ على لازم معنى .       
وقريب مما ذهب إليه عبد القاهر يقول الشيخ محمد الخضر حسين : وللألفاظ العربية دلالتان .... وثانيتها : الدلالة على معان زائدة على المعاني الأصلية من أحوال ترجع إلى المتكلم أو المخاطب أو المتحدث في شأنه أو حال الفعل المخبر به وغير ذلك كدلالة الحذف لشيء من أجزاء الكلام على ضجر المتكلم وسآمته ، ودلالة تأكيد الجملة بالقسم على أن المخاطب ينكر مضمونها . ([54])      
        أما المحدثون فقسموا المعنى إلى الأقسام الآتية :
        1 – المعنى المعجمي ، وهو المعنى الذي تسجله المعاجم للمفردة اللغوية مُراعىً فيه حروفها بترتيبها وصيغتها . سواء في ذلك أكانت تلك المفردة في صورة لفظ مستقل بمعنى كأن نقول : النِّطاق – بوزن كتاب - : كل ما يَشُد به المرء وسطه أم كانت الكلمة في صورة لفظ يختلف معناه حسب ما نسميه سياق إسناده ، كما يُقال : قام القاعد : انتصب على رجله ، وقام السائر : توقف عن السير . ([55])
      ويسمي بعض العلماء المعنى المعجمي المعنى المطلق ويقصد به المعنى العرفي الذي أعطي للكلمة بالوضع ويصلح لأن يسجله المعجم . ويمكن تحليل طبيعة هذا المعنى المعجمي إذا نظرنا في طبيعة العلاقة بين المنطوق وبين المدلول .  ([56])
        وقد جعل جبل مجموعتين من المعاني متفرعة عن المعنى المعجمي ، إحداهما متفرعة عن المعنى المعجمي الحرفي ، أي المتعلق بحروف الكلمة لا بصيغتها ، والأُخرى خاصة بصيغ الكلم . فمن المجموعة الأولى :
        = المدلول اللغوي الشامل للكلمة ( المدلول بكل لوازمه ) . من ذلك كلمة " الطبيب " التي أصلها : الحاذق الرفيق الذي يوظف خبرته في معرفة الخلل ، ورفقه في إصلاحه ، ثم كثر استعماله في من يعالج أمراض الناس خاصة . لكن الإنسان قد يقصد ضمن استعماله لكلمة " طبيب " بالمعنى الغالب – معنى الرفق والتلطف في المعاملة وفي إخبار المريض أو ذويـــه بحقيقة حالته – وفي تحديد أجره – وهكذا .
        = المعنى التضميني ( قصد جزء المعنى ) كقولنا : قرأت الكتاب ونحن نقصد جزءًا منه .
        = المعنى الأَرُومي ( قصد أرومة ( أصل ) الجزء المعبر عنه باللفظ مثل قول الله – تعالى : } وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا  { [المجادلة: من الآية3] .فالمقصود بالرقبة العبد كله . ([57]) وعبر بالرقبة نظرًا لما كان عليه الأمر حين كان العبيد يؤخذون من رقابهم بالأغلال ، فجعل فك أعناقهم من ذل العبودية بمثابة فك الأغلال من رقابهم . ([58])
= صنو المعنى المعجمي ( أحد معاني المشترك ) .
        = المعنى التطوري ويشمل هذا الدلالات التطورية مثل كلمة
" ظعينة " التي كانت تدل على المرأة المسافرة ، ثم أصبحت تطلق على المرأة بشكل عام .
        = المعنى اللزومي ، وذلك عندما يكون المقصود بالكلام هو لازم المعنى المعجمي مثل : لزمت الشجرة ، أي ظلها اللازم لها .
        و المجموعة الثانية :
        = المعنى الصيغي ، ومثال ذلك كلمة " قَلَم " على صيغة " فَعَل " وهذه الصيغة تأتي بمعنى اسم المفعول كثيرًا كَهَدَم وهَدَر ( = مهدوم ومُهْدَر ) .
        = المعنى التسويري ، ويقصد به المعاني التي تناولها علم الوضع ، وهي في مجملها ما وضع له كل نوع من أنواع الكلم ( الأعلام ، والنكرات ، والضمائر ... ([59])
2– المعنى الوظيفي ، وهو أحد أقسام المعنى التي ذكرها تمام حسان  وهو المعنى المنسوب إلى الوظيفة التي يرى أنها " معنى الصوت ومعنى الحرف ومعنى المقطع ومعنى الظاهرة الموقعية من ظواهر الكلام ثم هي معنى الأدوات والملحقات والصيغ ثم هي معنى الأبواب النحوية " . ([60]) ومن هذا يتضح أن المعنى الوظيفي
يشمل المعاني الصوتية ( بأنواعها ) والصرفية والنحوية . ([61])
        3 – المعنى المقصود ( المعنى الاجتماعي ) ويفهم من جملة كلام تمام حسان أن المراد به جملة ما يستفاد من المقال ( وظيفيًا كان أو معجميًّا ) مضافًا إليه ما يُستفاد من عناصر السياق . ([62])
      وقد عرفه تمام حسان بأنه المعنى الذي لا يوصل إليه إلا بتحليل المنطوق تحليلا اجتماعيًّا يُستخرج منه المعنى المقصود ، أي المعنى الوحيد الذي قُصد من هذا المنطوق .
        وذكر أن التحليل يكون في جدول على هذه الصورة :     
المنطوق
التحليل اللغوي
الماجريات
نوع المناسبة
الأثر





        والمقصود بالتحليل اللغوي أن نختار من خصائصه ما يستحق الذكر لارتباطه بالاعتبارات الاجتماعية كأن يكون بالنص خطأ يثير التصحيح من السامعين ، أو بالمتكلم لثغة ظهرت في أحد أصوات المنطوق فأثارت الضحك . والتصحيح والضحك يوضعان في خانة الأثر .
        والمقصود بالماجريات كل الملابسات المادية والاجتماعية المحيطة بنطق المنطوق ، ويدخل فيها المتكلم والسامعون ونوع المناسبة ما إذا كانت موقف تعاون على عمل ما أو موقف زجر أو مدح . أما المقصود بالأثر فنوع الاستجابة . ([63])
        وهناك تقسيم آخر للمعنى باعتبار الكلمة والجملة ويظهر التقسيم عند كل من كسيلنج KESELING  وفيجاند WIEGAND حيث قسما المعنى إلى معنى المفرد ومعنى الجملة . ([64])
فمعنى اللفظ أو الكلمة : هو المفهوم الذي يرتبط بالكلمة بحيث :
        1 – يصور صنفًا من الأشياء الحقيقية أو الذهنية وخواصها وعلاقاتها المختلفة .
        2 – يمكن التثبت منه من خلال علاقته بالمفاهيم الأخرى في النظام العام للغة .
        3 – ويدع أساسًا للافتراض بأن " الكلمة " تُستعمل فعلا لنرى ما إذا كان ذلك يمثل في الواقع أمرًا محسوسًا أو معقولا .
        أما معنى الجملة  فإنه يرتبط بنوع الجملة ذاتها ، فهناك الجمل الخبرية التي تنبئ عن شيء يحتمل الصدق والكذب ، والجمل الإنشائية التي يختلف معناها باختلاف السياق الذي ترد فيه . ([65])
وهناك تقسم آخر للمعنى يُقسم فيه المعنى إلى معنى معجمي ، ومعنى صوتي أو صرفي ، ومعنى نحوي أو اجتماعي . ([66])
كما قسم بعض العلماء المعنى تقسيمًا آخر ذهبوا فيه إلى أن المعنى إما أن يكون معنى مركزيًّا أو معنى هامشيًّا ، فالمعنى المركزي هو الذي يسجله اللغوي في معجمه ويسميه بالدلالة المركزية ، وقد تكون تلك الدلالة واضحة في أذهان كل الناس ، كما قد تكون مبهمة في أذهان بعضهم . والدلالة الهامشية هي تلك الظلال التي تختلف باختلاف الأفراد وتجاربهم وأمزجتهم . ([67]) مثل كلمة " مسدس " التي تدل عند الطفل على اللعبة ، وعند رجل الشرطة على نوع من السلاح ، وعند الحرفيين على آلة تُدهن بها السيارات .
وقد قسم أحمد مختار عمر المعنى إلى خمسة أقسام هي :
1 - المعنى المركزي وسماه بالمعنى الأولي ، والتصوري ، والمفهومي أو الإدراكي وذكر أنه العامل الرئيسي للاتصال اللغوي ، والممثل الحقيقي للوظيفة الأساسية للغة وهي التفاهم ونقل الأفكار .
ونقل في تعريفه عن  nida أنه المعنى المتصل بالوحدة المعجمية حينما ترد في أقل سياق أي حينما ترد مفردة . ([68]) 
2 -  المعنى الهامشي وهو ما سماه بالمعنى الإضافي أو الثانوي أو التضمني ، وعرفه بأنه المعنى الذي يملكه اللفظ عن طريق ما يشير إليه إلى جانب معناه التصوري الخالص .
وهذا النوع من المعنى زائد على المعنى الأساسي وليس له صفة الثبوت والشمول ، وإنما يتغير بتغير الثقافة أو الزمن أو الخبرة .
فإذا كانت كلمة " يهودي " تملك معنى أساسيًّا هو الشخص الذي ينتمي إلى الديانة اليهودية فهي تملك معاني إضافية في أذهان الناس تتمثل في الطمع والبخل والمكر والخديعة . ([69])
3 – المعنى الأسلوبي ، وهو ذلك النوع من المعنى الذي تحمله قطعة من اللغة بالنسبة للظروف الاجتماعية لمستعملها والمنطقة الجغرافية التي ينتمي إليها ، كما أنه يكشف عن مستويات أُخرى مثل التخصص ودرجة العلاقة بين المتكلم والسامع ورتبة اللغة المستخدمة
( أدبية – رسمية – عامية – مبتذلة ) ونوع اللغة ( لغة شعر – لغة نثر – لغة قانون – لغة علم – لغة الإعلان ... ) والواسطة ( حديث – خطبة – كتابة ... ) ومثال ذلك الكلمات التي تطلق على الزوجة في العربية الحديثة ( عقيلته – حرمه – زوجته – امرأته – مرته – حرمته ... ) .
4 – المعنى النفسي ، وهو المعنى الذي يشير إلى ما يتضمنه اللفظ من دلالات عند الفرد ، فهو بذلك معنى فردي ذاتي . ويظهر هذا المعنى بوضوح في الأحاديث العادية للأفراد ، وفي كتابات الأدباء وأشعار الشعراء حيث تنعكس المعاني الذاتية النفسية بصورة واضحة قوية تجاه الألفاظ والمفاهيم المتباينة . ([70]) ومن هذا المعنى ما يشار إليه بقولهم : المعنى في بطن الشاعر .
ويمكن أن يُمثل له بقول رابعة العدوية :
أحبك حبين : حب الهوى         وحبًّا لأنـك أهـل لذاكـا
فأما الذي هو حب الهوى         فشغلي بحبك عمن سواكـا
       وأما الذي أنت أهل لـه          فكشفك لي الحجب حتى أراكا
          فالحب عندها بهذا التفصيل : ( حب الهوى ، وحب الأهلية للحب ) ليس له أية إشارة في المعاجم اللغوية على تعدد أنواعها واختلاف مشاربها ، وذلك لأنها تتحدث عن تجربة صوفية خاصة بها ، فالشخصية شخصية المتكلم والتجربة ركنان أصيلان من عناصر كثيرة لازمة لفهم المعنى  . ([71])
5 – المعنى الإيحائي ، وهو ذلك النوع من المعنى الذي يتعلق بكلمات ذات مقدرة خاصة على الإيحاء نظرًا لشفافيتها . وقد حصر أولمان تأثيرات هذا النوع من المعنى في ثلاثة هي :
أ – التأثير الصوتي ، وهو نوعان : مباشر ، وذلك إذا كانت الكلمة تدل على بعض الأصوات أو الضجيج الذي يحاكيه التركيب الصوتي للاسم ، ويسمى هذا النوع primary onomatopoeia ويمكن التمثيل له بالكلمات العربية : صليل ( السيوف ) – مواء ( القطة ) – خرير ( الماء ) . ([72])
وقد عقد ابن جني بابًا في الخصائص لمثل هذا المعنى تحت عنوان : باب في إمساس الألفاظ أشباه المعاني قال فيه : " وذلك أنك تجد المصادر الرباعية  المضعفة تأتي للتكرير ؛ نحو الزعزعة والقلقلة والصاصلة  " . ([73])
والنوع الثاني من التأثير الصوتي التأثير غير المباشر ويسمى  secondary onomatopoeic مثل القيمة الرمزية للكسرة ( ويقابلها في الإنجليزية I  ) التي ترتبط في أذهان الناس بالصغر أو الأشياء الصغيرة .
ب – التأثر الصرفي ويتعلق بالكلمات المركبة ، والكلمات المنحوتة كالكلمة العربية صهلق ( من صهل وصلق ) . ([74])
ج – التأثير الدلالي ويتعلق بالكلمات المجازية أو المؤسسة على المجاز أو أية صورة كلامية معبرة .
ويتضح هذا المعنى بصورة أكبر في الكلمات ذات المعاني المكروهة أو المحظورة مثل الكلمات المرتبطة بالجنس ، وموضع قضاء الحاجة ، والموت . مثال ذلك كلمات : " حانوتي " و " كنيف " و " لباس " العربية التي هُجرت في معناه الأقدم للإيحاءات التي صار يحملها معناها الأحدث .
وفي أمثال هذه الحالات ينبغي استعمال التلطف في التعبير الذي هو عمليًّا الإشارة إلى شيء مكروه أو معنى غير مستحب بطريقة تجعله أكثر قبولا .  ([75])
فكلمة " كنيف " – مثلا - هُجرت وحل محلها كلمة " حمَّام " أو " دورة مياه " ، ومثل كلمة " كنيف " أيضًا نجدهم في الفصحى المعاصرة يكتبون على سيارات نقل الموتى " تحت الطلب " وذلك تلطفًا . ([76]) 
الدلالة والمعنى
لقد عرف التراث العربي للدلالة خمسة أنواع ذكرها الجاحظ وهي : دلالات اللفظ ، والخط ، والإشارة ، والنُّصبة ، والعقد . وإذا خصصنا مصطلح " الدلالة " بوصف " اللغوية " أو " اللفظية " فإنه يُقْصَر على دلالة الألفاظ على معانيها ، ويطابق مصطلح " المعنى " الموضوع له اللفظ ، أو يكاد ، ولكنه مع هذه المطابقة المتحققة أو المحتملة فإن مصطلح " الدلالة " يظل أوسع دائرة من مصطلح " المعنى " ؛ نظرًا لأصله ذاك ، وبذا يأتي استعماله أصالة : في المعنى مع لوازمه ، وتسامحًا : في سائر مصطلحات المجال : " المعنى " و " جزئه " و " اللوازم " و " المراد " وما إليها ، من حيث إن أصل المصطلح تمتد ظلال معناه إلى كل ذلك كما كانت تمتد إلى الإشارة والعَقد والنُّصبة .
أما مصطلح " المعنى " فهو أصلا للموضوع له اللفظ ، وهذا الموضوع له يتمثل واقعًّا في المعنى المعجمي ؛ أي الذي ينص عليه المعجم ؛ فالحجة للمعنى هو المعجم . ([77]) 
وإذا ذهبنا إلى الدراسات اللغوية الحديثة نجدها تقصد بالدلالة هنا ما يطلق عليه في الدراسات اللغوية الحديثة مصطلح  semantics أو  semiologieفي الإنجليزية ،  أما " المعنى " فإنه ترجمة لمصطلح  meaning في الإنجليزية . ويُعد التمييز الحاسم بين المعنى والدلالة فيما يتعلق بتفسير الوحدات المعجمية من الأمور الصعبة لأن هذه الأمور غامضة بطبيعتها ومع هذا فقد لخص جون لاينز أهم أوجه الاتفاق والاختلاف في الاستعمال اللغوي بين " الدلالة " و " المعنى " خاصة في مجال تعريف الوحدات المعجمية في النقاط الآتية :
1 – الدلالة مرتبطة ذاتيًّا بالإشارة لدرجة أن العديد من الثقاة لا يفرقون بين الدلالة والإشارة واضعين كلا منهما تحت مفهوم أوسع للإشارة . فإذا أردنا أن نعرف كلمة dog " كلب " فإننا نتبع أحد أسلوبين :
الأول : أن نحدد للشخص الذي طلب منا نعرفه " الكلب " كل الكيانات في العالم التي تصدق القضية المنطقية " ذلك كلب " وحينما نفعل ذلك عن طريق إشارة يكون هذا تعريف دلالة " كلب " وهذه الدلالة تخص الوحدة المعجمية " كلب " ذاتها بعيدًا عن استعمالها في مناسبات معينة من الكلام ، ولا بد هنا من توضيح الفرق بين التعبير الإشاري ( يقصد هنا ما يقابل المعارف في اللغة العربية ) مثل " الكلب " أو " كلبي الذي عض ساعي البريد فإنه يشير إلى الأعضاء المختلفة للصنف في مناسبات معينة من الكلام .
الثاني : أن نستخدم اللغة في هذا التعريف كأن نقول مثلا : الكلب حيوان أليف من الفصيلة الكلبية كما قال " كولنز " في معجمه أو نقول كما قال " لونجمان " في قاموس الإنجليزية المعاصرة  : " الكلب : حيوان شائع آكل للحم وذو أطراف أربعة " . ويلاحظ في هذا الأسلوب الثاني أن الوحدة المعجمية " كلب " وإن كانت تدل على صنف من صنوف الكيانات في العالم الخارجي إلا أنها ذات صلة وبطرق مختلفة بكلمات وتعابير أخرى في اللغة الإنجليزية منها :  animal ( حيوان ) ، و  hound  كلب صيد كبير ، و  pitch ( كلبة ) ، وfox ( ثعلب )  ، و wolf ( ذئب ) وكل علاقة من هذا النوع بين
" كلب " وبين التعابير الأخرى يمكن تحديدها على أنها إحدى علاقات المعنى القائمة بينه وبين التعابير الأخرى .
ويمكن أن نلخص الفرق بين المعنى والدلالة فيما يخص هذين النوعين من التعريف بأن نقول إن المعنى يعتمد على العلاقات القائمة بين التعابير اللغوية أي بين كيانات تعود جميعها إلى لغة ما . أما الدلالة فإنها تربط التعابير بصنوف من الكيانات في العالم الخارجي . ([78])
2 – ينطبق كل من المعنى والدلالة بالتساوي على التعابير البسيطة والتعابير المركبة معجميًّا ، فعلى سبيل المثال تُعد العبارتان :
" لبون أليف من الفصيلة الكلبية " و”حيوان آكل للحم ذو أطراف " أربعة " المأخوذتان من قيود كلمة " كلب " في معجمي ( كولنز ولو نجمان ) عبارتين مركبتين معجميًّا ( بخلاف هذا كلب ، البسيطة معجمية ) يحدد معناهما ودلالتهما معنى ودلالة الوحدات المعجمية المكونة لهما وهذا يعني أن معنى الكلمة ( المستفاد من علاقات التعبير في اللغة ) ودلالته ( المستفادة من علاقته بالعالم الخارجي ) عبارة عن وظيفة تكوينية لمعنى الأجزاء ( إن وُجدت ) ودلالتها .
3 – يعتمد كل من المعنى والدلالة  على الآخر بشكل يجعل المرء غير قادر على معرفة   أحدهما عادة دون أن يكون لديه على الأقل نوع ما من المعرفة عن الآخر ( أي الشيء الخارجي وعن علاقات التعبير بالتعبيرات الأُخرى في اللغة ) ويؤدي هذا إلى احتمال أن يكون أحدهما أكثر أساسًا ( أهمية ) من الناحيتن المنطقية والنفسية .
4 – بين كل من المعنى والدلالة علاقة عكسية إذْ كلما توسعت الدلالة صغر المعنى ، والعكس صحيح ، فعلى سبيل المثال تُعتبر دلالة " حيوان " أوسع من دلالة " كلب " ( كل الكلاب حيوانات وليس كل الحيوانات كلابًا ) وفيما يتعلق بالمعنى فإن معنى " حيوان " أقل من معنى " كلب " وهذه العلاقة مبنية على التفرقة بين المدلول والمفهوم  في علم المنطق التقليدي  حيث إن مدلول أي مصطلح أو تعبير يمثل على وجه التقريب صنف الكيانات التي يحددها هذا المفهوم ، أما المفهوم فيمثل الخاصية   المحددة للصنف . ([79])




([1]) علم اللغة العام أسسه ومناهجه  عبد الله ربيع محمود ص 174 ط 2 / 1419 هـ /
      1998 م .
([2]) مقاييس اللغة لابن فارس تح شهاب الدين أبو عمر ( ع – ن – ى ) ص 703 .
([3]) السابق ( ع – ن – ى ) ص 705 .
([4]) الصاحبي لابن فارس تح السيد أحمد صقر ص 313 ط الحلبي د ت .
([5])  المعنى اللغوي  جبل ص 66 ، 67 نقلا عن الفروق لأبي هلال ص  25 ، وحاشية الشريف الجرجاني
      على قُطب الدين الرازي على الرسالة الشمسية ص 44 وينظر الفروق في اللغة لأبي هلال العسكري
      ص25 ط 5 دار الآفاق الجديدة بيروت 1983 م .
([6]) المقاييس ( ع – ن- ى ) ص 705 . ويُنظر العين للخليل بن أحمد تح عبد الله هنداوي
    ( ع – ن – ى ) 3 / 243 ط 1 دار الكتب العلمية بيروت 2002 م .
([7]) المصباح المنير للفيومي ( ع – ن – ى ) ص 434 ، 435 .
([8]) الصاحبي في فقه اللغة وسنن العربية لابن فارس تح السيد أحمد صقر ص 312 .
([9]) دراسات في دلالة الألفاظ والمعاجم اللغوية  عبد الفتاح البركاوي ص 33 نقلا عن
     البيان والتبيين للجاحظ 1 / 75 . وينظر البيان والتبيين تح هارون 1 / 75 .
([10]) المرجع السابق ص 33 .
([11]) المعنى اللغوي  جبل ص 68 ، وذكر فضيلته في الحاشية رقم " 1 " من هذه الصفحة
    أن هذه الصياغة مأخوذة من قول قطب الدين الرازي ( 766 هـ ) " المعاني هي الصور
    الذهنية من حيث وضع بإزائها الألفاظ " .
([12]) المعنى اللغوي  جبل ص 68 ، 70 بتصرف يسير .
([13]) وصف اللغة العربية دلاليًّا ، محمد يونس ص 79 ط جامعة الفاتح ليبيا 1993 م  
     نقلا عن التعريفات ص 116 . ويُنظر التعريفات لأبي الحسن علي بن محمد بن علي
     الجرجاني ص 122 ط وزارة الثقافة بغداد د ت .
([14]) المزهر لجلال الدين السيوطي تح محمد أحمد جاد المولى ورفيقيه 1 / 42 ط 3 دار
      التراث العربي بالقاهرة د ت .
([15]) وصف اللغة العربية دلاليًّا ص 80 نقلا عن معيار العلم 43 .
([16]) السابق ص 80 نقلا عن معيار العلم ص 44 .
([17]) السابق ص 81 .
([18]) وصف اللغة العربية دلاليًّا ص 81 ، 82 بتصرف .
([19]) السابق ص 83 .
([20]) اللغة والدلالة آراء ونظريات ، عدنان بن ذريل ص 45 ط اتحاد الكتاب العرب دمشق
     1981 م .
([21]) وصف اللغة العربية دلاليًّا ص 83 ، 84 بتصرف .
([22]) علم اللغة بين القديم والحديث  عبد الغفار هلال ص 336 ، 337 ط 3 / 1989 م .0
([23]) المعنى اللغوي  ، جبل ص 154 .
([24]) وصف اللغة العربية دلاليًّا ص 85 .
([25]) علم الدلالة ص 55 ، 56 .
([26]) علم الدلالة ص 56 .
([27]) المعنى اللغوي  جبل ص 155 .
([28]) علم الدلالة ص 56 .
([29]) وصف اللغة العربية دلاليًّا ص 94 .
([30]) علم الدلالة ص 57 .
([31]) المعنى اللغوي  جبل ص 154 .
([32]) السابق ص 154 .
([33]) علم الدلالة ص 58 .
([34]) السابق ص 58 .
([35]) اللغة والدلالة ، عدنان بن ذريل ص 132 .
([36]) علم الدلالة ص 59 .
([37]) اللغة والدلالة ، عدنان بن ذريل ص 132 .
([38]) وصف اللغة العربية دلاليًّا ص 96 .
([39]) علم اللغة مقدمة للقارئ العربي  محمود السعران ص 331 .
([40]) وصف اللغة العربية دلاليًّا ص 96 ، 97 . ويُنظر : علم اللغة د السعران ص 333 ،
    334 ، ودراسات في علم المعنى " السمانتيك " د كمال بشر ص 96 ـ 98 ط 1985 م
([41]) علم الدلالة ، عمر ص 62 ـ 65 بتصرف .
([42]) دور الكلمة في اللغة ستيفن أولمان ترجمة   كمال بشر ص 75 تعليق المترجم ط 10
     مكتبة الشباب 1986 م
([43]) المعنى اللغوي  جبل ص 156 .
([44]) السابق ص 164 .
([45]) دلالة السياق  عبد الفتاح البركاوي ص 39 نقلا عن : الدلالة والمعنى والسياق ص 13
    ، 14 ، 16 ، والصاحبي لابن فارس ص 312 . ويُنظر الصاحبي لابن فارس ص
     312 حيث عرف المعنى بأنه القصد والمراد وهذا يتناسب مع الأمر الأول .
([46]) المزهر للسيوطي ضبطه فؤاد علي منصور 1 / 281 ، 282 ط 1 دار الكتب العلمية
     بيروت  1998 م .
([47]) السابق 1 / 282 . وينظر الخصائص لابن جني تح محمد علي النجار  2 / 442 ط 2
      دار الهدى بيروت د ت .
([48]) دراسات في دلالة الألفاظ والمعاجم اللغوية  البركاوي ص 36 .
([49]) شذرات من علم اللغة  شعبان عبد العظيم عبد الرحمن ص 100 ط مطبعة حسان د ت .
([50]) دلائل الإعجاز للإمام عبد القاهر الجرجاني قرأه وعلق عليه أبو فهر محمود محمد
     شاكر ص 262 ط الخانجي د ت .
([51]) السابق ص 264 .
([52]) دلالة الألفاظ عند الأصوليين محمود توفيق ص 27 ط مطبعة الأمانة 1987 م .
([53]) الإحكام في أصول الأحكام للآمدي تعليق عبد الرزاق عفيفي مج 1 ج 1 / 15 ط 2
      المكتب الإسلامي بيروت 1402 هـ .
([54]) دراسات في العربية وتاريخها محمد الخضر حسين ص 134 ط 2 المكتب الإسلامي ،
     ومكتبة دار الفتح دمشق 1960 م .
([55]) المعنى اللغوي  جبل ص 170 ، 171 بتصرف .
([56]) مقالات في اللغة والأدب  تمام حسان 1 / 334 ط 1 عالم الكتب 2006 م .
([57]) المعنى اللغوي  جبل ص  ، 172 ، 173 ، وما بعدها .
([58]) دلالة الألفاظ عند الأصوليين  محمود توفيق ص 113 .
([59]) المعنى الغوي ، جبل ص 174 ، وما بعدها بتصرف .
([60]) دراسات في دلالة الألفاظ والمعاجم اللغوية  البركاوي ص 44 نقلا عن : مقالات في
    اللغة والأدب  تمام حسان ص 331 . ويُنظر : مقالات في اللغة والأدب  تمام حسان 1
    / 331 ، ومناهج البحث في اللغة  تمام حسان ص 229 ط دار الثقافة  1979 م .
([61]) السابق ص 44 .
([62]) السابق ص 44 نقلا عن : مقالات في اللغة والأدب  تمام حسان ص 337 ، ومناهج =
    = البحث في اللغة ص 122 .
([63]) مقالات في اللغة والأدب  تمام حسان 1 / 336 – 339 بتصرف .
([64]) دراسات في دلالة الألفاظ والمعاجم اللغوية  البركاوي ص 43 .
([65]) السابق ص 43 . ويُنظر : علم الدلالة ، جون لاينز ترجمة مجيد عبد الحليم الماشطة 
      ورفيقيه ص 57 ، وما  بعدها ط جامعة البصرة 1980 م .
([66]) دلالة السياق  عبد الفتاح البركاوي ص 43 .
([67]) دلالة الألفاظ  إبراهيم أنيس ص 106 ، 107 بتصرف .ط 3 الأنجلو 1976 م .
([68]) علم الدلالة  أحمد مختار عمر ص 37 .
([69]) السابق ص 37 .
([70]) السابق ص 38 ، 39 .
([71]) في علم الدلالة  محمد سعد محمد ص 23 ، 24 نقلا عن : علم اللغة د السعران ص
    292 ط دار الفكر ، ويُنظر علم اللغة مقدمة للقارئ  العربي محمود السعران ص 267
    ط دار النهضة  العربية بيروت د ت ..
([72])السابق ص 39 .
 ([73])الخصائص 2 / 153 .
([74]) علم الدلالة ص 39 ، 40 .
([75]) علم الدلالة ص 40
([76]) في علم الدلالة  محمد سعد ص 27 .
([77]) المعنى اللغوي ، جبل ص 199 ، 200 .
([78]) دلالة السياق  البركاوي ص 31 – 33 .
([79]) السابق ص 33 .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

في التحليل الدلالي دراسة تطبيقية على الفصحى المعاصرة 1

في التحليل الدلالي دراسة تطبيقية على الفصحى المعاصرة 2